الدور الاميركي في حرب حزيران وتداعياته على قضية فلسطين د. غازي حسين اشتركت امريكا مع العدو الاسرائيلي في حرب حزيران العدوانية . ودافعت ولا تزال تدافع عن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية داخل الامم المتحدة وخارجها ومع محور من اسمتهم رايس بالمعتدلين العرب وجامعة الدول العربية . وتزوده بأحدث انواع الاسلحة وبالمساعدات الاقتصادية الضخمة للمحافظة على تفوقه العسكري لتحقيق المشروع الصهيوني في الوطن العربي وتصفية قضية فلسطين وتهويد القدس مدينة الاسراء والمعراج وتعتبر الادارات الاميركية ان امن "اسرائيل" من امن امريكا ورفعه الرئيس اوباما الى مستوى القداسة (الدينية والسياسية ) . وتثبت الوثائق ان الامير فهد الذي ترأس الجانب السعودي في اللجنة الاميركية – السعودية المشتركة التي كانت تدير الحرب في اليمن ضد القوات التي ارسلها القائد العربي جمال عبد الناصر لتدافع عن الجمهورية اليمنية الوليدة قد طلب في اجتماع اللجنة في شهر كانون اول 1966 ان توعز واشنطون لحليفتها "اسرائيل" القيام بهجوم كبير على قطاع غزة او على سورية فإما ان يتصدى الرئيس عبد الناصر للهجوم وتوجه له "اسرائيل" ضربة قوية واما ان يلتزم الصمت وبالتالي يخسر الكثير من شعبيته في تحقيق احد الاحتمالين . وبالفعل اتفق اشكول رئيس وزراء العدو الاسرائيلي آنذاك مع الرئيس اريك جونسون في ايار 1967 على تحقيق المطلب السعودي خدمة لمصالح اسرائيل وامريكا والاستراتيجية السعودية في اليمن وفلسطين . وانطلاقا من الوثائق التي نشرها حسنين هيكل اطلق جونسون واشكول على العملية اي على حرب حزيران عملية اصطياد "الديك الرومي" . وهكذا ساهم النظام السعودي الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة ببيع فلسطين والقدس لليهود ، واحتلال الجولان وتدمير النظام العربي في العصر الحديث ، لمصلحة الاستراتيجية الاميركية – الصهيونية والرجعية العربية في الوطن العربي . ساهمت السعودية وجامعة الدول العربية ومحور المعتدلين العرب وعلى راسهم الرئيس المخلوع حسني مبارك بمبادرة الامير فهد في مؤتمر القمة العربية في فاس عام 1982 وفي مشروع المبادرة العربية التي طرحها الصحفي الاميركي اليهودي توماس فريدمان واعطاها لسمو الامير عبد الله وادخل عليها بعض التعديلات وطرحها الأمير السعودي في مؤتمر القمة العربي في بيروت عام 2002 بعد تفجيرات 11 ايلول في امريكا . واصبحت تعرف بالمبادرة العربية لبيع فلسطين والقدس لليهود اعداء الله والانبياء والوطن والمواطن والعروبة والاسلام والانسانية جمعاء . احتلت "اسرائيل" بالإضافة الى قطاع غزة وسيناء والجولان واجزاء اخرى من جنوب لبنان ووادي عربة مدينة القدس الشرقية . وضمتها في نهاية حزيران مباشرة الى القدس المحتلة عام 1948 . واعلنت القدس العربية بشطريها المحتلين عاصمة "اسرائيل" الابدية . واعترف الكونغرس الأمريكي بضم القدس واعتبارها عاصمة الكيان الصهيوني مما جسد اخطر الانتهاكات لقرارات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمرات القمة العربية ومؤتمرات منظمة الدول الاسلامية ، وتحديا عدوانيا وحقيرا لمشاعر العرب (مسلمين ومسحيين) والمسلمين في جميع انحاء العالم . ووصلت وقاحة دهاقنة الاستعمار الاستيطاني اليهودي حدا طالب فيه الرئيس الاسرائيلي ابو مفاعل ديمونا الذري وسفاح قانا بجعل القدس العربية بشطريها المحتلين عاصمة للعالم . ورأى السفاحون بيغن وشارون ونتنياهو ان حرب حزيران العدوانية قد حققت لليهود الاستعمار الاستيطاني الذي رسخه كتبة التوراة والتلمود عن "ارض الاباء والاجداد" ارض الميعاد المزعومة . واعتبروا ان سيناء جزء من هذه الارض التي عادت اليهم ، وان يهودا والسامرة اراضي محررة وليست محتلة ، وذلك خلافا للحقائق والوقائع التاريخية والقانونية وخلافا لقرارات مجلس الامن الدولي ومبادئ القانون الدولي واتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1949 والتي اصبحت جزءا لا يتجزأ من القانون الدولي . ولكن في حقيقة الامر جلب الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والجولان وبقية الاراضي العربية المحتلة كارثة عظمى لإسرائيل والصهيونية العالمية لأنها اقنعت العرب والمسلمين استحالة التعايش مع الكيان الصهيوني وان مصيره ككيان استعمار استيطاني وعنصري وارهابي الى الزوال . وبالتالي حملت الحرب العدوانية التي اشعلها العدو في طياتها بذور زوال "اسرائيل" في المستقبل القريب او البعيد ، ان عاجلا او اجلا واستحالة التعايش معها او القبول بوجودها في قلب الوطن العربي . واخذ العدو الصهيوني يتمسك باحتلاله للأراضي العربية لكسر الارادات العربية والفلسطينية الرسمية وتحقيق الاكاذيب والاطماع التي رسخها كتبة التوراة والتلمود ويقول ان الحرب احدثت تغيرات جوهرية لقضايا بقيت مفتوحة بعد حرب عام 1948 التي اشعلتها ايضا العصابات اليهودية الارهابية المسلحة وهي : الصلح والاعتراف والامن والحدود والقدس والتشطيب على حق عودة اللاجئين الى ديارهم والاعتراف بيهودية الدولة . واعتقد العدو انه اضاف ايضا املاكا يستطيع ان يستبدل بها اتفاقات (اذعان) على غرار اتفاقيتي كمب ديفيد و هذا ما حصل بالفعل بتوقيع اتفاق الاذعان في اوسلو بتاريخ 19/9/1993. ويقول الاسرائيليون ان حرب 1948 منحت "اسرائيل" شرعية دولية وازالت حدود التقسيم اي قضت على اقامة الدولة الفلسطينية بموجب قرار الامم المتحدة رقم 181 المعروف بقرار التقسيم . واقتسمت "اسرائيل" عمليا اراضي الدولة الفلسطينية مع الملك عبد الله الذي اعترف بقرار التقسيم واجبر الجيوش العربية على الالتزام به ، بصفته القائد الاعلى للقوات التي دخلت فلسطين لحماية الفلسطينيين من المذابح اليهودية . واكتفى بضم 22% من فلسطين اي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية . وتقول "اسرائيل" ان العالم اعترف باحتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1948 ويرفض الاعتراف باحتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967 ، اي برأيها اعتراف العالم بحدود 1949 مقابل اعادة الاراضي المحتلة عام 1967 . وهي خططت وتريد تكرار تجربتها في حرب 1948 اي ابتلاع الاراضي المحتلة عام 1967 عن طريق الاستعمار الاستيطاني المستمر حتى اليوم . وتعتقد "إسرائيل" ايضا ان الدول العربية غيرت مصالحها ومواقفها في الصراع معها ، حيث كانت مصالحها تنحصر في اعادة اراضيها التي احتلها "اسرائيل" . وادى هذا التغير في مواقفها الى توقيع اتفاقيتي الاذعان في كمب ديفيد وتوقيع الاردن لاتفاق الاذعان في وادي عربة . وبالفعل قايض انور السادات عودة سيناء المنقوصة السيادة على حساب القدس وفلسطين والجولان وجنوب لبنان . ويعتقد قادة الكيان الصهيوني ان نتائج حرب حزيران العدوانية غيرت المواجهة العسكرية والسياسية ، فلم تعد المواجه بين "اسرائيل" والدول العربية بل بينها وبين الفلسطينيين . وتخلت قيادة منظمة التحرير عن المقاومة المسلحة واستبدلتها بالنضال السياسي من اجل جزء من فلسطين . و بالتالي نشأ حسب قولهم احتمال انشاء دولة فلسطينية (كمصلحة اسرائيلية وامريكية) في اطار القرار 242 ، اي انها ستقوم على حوالي اقل من 22% مقابل الاعتراف بإسرائيل والتعايش معها اي في حوالي 80% من مساحة فلسطين العربية . واستبدل المجتمع اليهودي في "إسرائيل" ممثلا بحزب العمل وتكتل الليكود وحزب كاديما "اسرائيل الكبرى" الجغرافية "بإسرائيل العظمى" الاقتصادية عن طريق مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي طرحه بيرس وتبنته ادارة بوش وحكومة اردوغان . وترى "اسرائيل" من جراء ذلك ليس فقط الهيمنة على منطقة الشرق الاوسط وانما ايضا حمل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وجامعة الدول العربية بقيادة محور المعتدلين العرب الاعتراف بيهودية الدولة اي بدولة بهودية عنصرية نقية ، لترحيل عرب الاراضي المحتلة عام 1948 الى دولتهم الفلسطينية والتشطيب على حق عودة اللاجئين الى ديارهم . ويزعم الصهاينة ايضا ان حرب حزيران العدوانية حققت التصور الذي وضعه الزعيم الصهيوني جابوتنسكي في مقالته "سور الحديد" او السور الفولاذي عام 1923 حيث طالب بإقامة جدار حديدي لإدخال الياس في نفوس الجماعات المتطرفة العربية وينتقل التأثير والفعل الى المجموعات المعتدلة . وباتي هؤلاء المعتدلون بحسب راي الارهابي جابوتنسكي ومعهم اقتراحات لتنازلات متبادلة ، تماما كما يفعل عباس اليوم في مفاوضاته العبثية . وبرأيه بعد ان يتنازل الفلسطينيون عن اكثرية فلسطين التاريخية يستطيع الشعبان ان يتعايشا جنبا الى جنب بسلام . وتعتقد اليوم اوساط واسعة في الكيان الصهيوني بعد مرور 64 عاما على تأسيس الكيان الصهيوني ومرور 45عاما على حرب حزيران العدوانية بان تأجيل حكومة نتنياهو اتخاذ القرار الحاسم المطلوب بإعادة المناطق المحتلة عام 1967 مقابل اتفاق دائم يعرض للخطر الانجازات السياسية المهمة التي حققتها "اسرائيل" في اتفاقياتها مع مصر والاردن والحلف الاستراتيجي مع تركيا . وكان من اهم الانجازات التي حققها العدو الاسرائيلي جراء حرب حزيران العدوانية بالإضافة الى اتفاقات الا1ذعان في كمب ديفيد واوسلو ووادي عربة تهويد القدس الشرقية بما فيها البلدة القديمة ، وتهويد المسجد الابراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم ومقام الشيخ يوسف في نابلس وانتقال محور المعتدلين العرب بقيادة الرئيس المخلوع حسني مبارك وقطر والسعودية من الخندق العربي الى الخندق الاسرائيلي وتبنيهم المشروع الامريكي والتسوية السياسية لبيع فلسطين . وهكذا ادى اشتراك امريكا مع العدو الاسرائيلي في حرب حزيران العدوانية عام 1967 ودفاعها عن الاحتلال الاسرائيلي للقدس وبقية الأراضي العربية المحتلة داخل الأمم المتحدة وخارجها ، وتزويدها للعدو بأحدث الطائرات والصواريخ والمعدات العسكرية الاميركية الى كسر معظم الإرادات الرسمية العربية والفلسطينية وتوطيد التحالف الامبريالي والصهيوني والرجعي لتصفية قضية فلسطين وحركات التحرر الوطني العربية وانجاح المشروع الصهيوني . اثبت التاريخ البشري ان ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ، وان العدو الصهيوني لا يعرف الا لغة القوة ، لذلك ارى من الواجبات الوطنية والقومية والدينية والقانونية والانسانية التمسك بخيار المقاومة المسلحة لاجتثاث الاستعمار الاستيطاني اليهودي من فلسطين والجولان وجنوب لبنان ، والقضاء على الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني واخر نظام عنصري في العالم ، كما تم القضاء على النازية في المانيا ، والاستعمار الاستيطاني الفرنسي في الجزائر والعنصرية في روديسيا والبرتغال ، ونظام الابارتايد في جنوب افريقيا 0