يا الله الغيث يا ربي
حديث التراث في حوران


أيام زمان, كان الناس عندما يحتبس عنهم المطر, يخرج أولادهم ويعقدون راية في رأس عصاة, ويجوبون الشوارع يستغيثون ويطلبون من الله بهذه الاستغاثة التي تحاكي الروح بتذللها أمام خالقها.
-----------------------------------------------------------------
1- يا الله الغيث يا ربّي = تسقي ازريعنا الغربي
2- يا أم الغيث غِيثِينا = و اسقي زريع راعينا
3- يا الله الغيث يا دايم = يسقي ازريعنا النايم
4- يا اتْبُلّ هالشرشوح = وإحنا عبادك وين نروح
5- يا رب تبلل هالمنديل = قبل ما نرحل و نشيل
6- راحت أم الغيث تجيب الرعود= ما إجت إلا الزرع طول القعود
7- راحت أم الغيث تجيب الأمطار= ما إجت إلا الزرع طول الأشجار
8- يا ربي ليش حابس = والزرع تحتك حامس
-----------------
إضاءة على القصيدة
( بقلم – محمد فتحي المقداد)*

بالطبع لا بد من تسليط الضوء على بعض الكلمات التي بحاجة لتقريبها ممن هم من غير أبناء المنطقة.
1- ازريعنا : أي الزرع , هي تصغير من باب التذلل والرجاء لله طلباً لكرمه من الغيث .

2- راعينا : هو الشخص الراعي الذي يذهب بالحيوانات إلى أماكن الكلأ في السهول.
3- ازريعنا النايم: ما زال نموه متوقفاً وبطيئاً من قلّة الأمطار.
4- اتْبُلّ هالشرشوح: أي ( تبلل) وهو من التواضع أمام عظمة الله, ولا تكبر حتى يستمطروا. والشرشوح متعارف عليه هو الشخص ذوي الثياب الرّثة و لا يأبه له أحد, ونحن عبادك إلى من نذهب وأنت الموجود.
5- تبليل المنديل : طلب من الله أن يرسل المطر قبل الرحيل إلى ديرة أخرى ممرعة نحمل متاعنا لنستقر هناك بعد أن أجدبت الديار.
6- لما راحت أم الغيث لتأتي بالغيث, تأخرت كثيراً عنا حتى أن الزرع في غير ديارنا أصبح يناهز بطوله الجمل( القعود).
7- و كذلك تأخرت وأصبح الزرع يعانق الأشجار بطوله, كناية عن الغلال الوفيرة.
8- هو نداء لله وطلب إليه عن سبب تأخر المطر واحتباسه, حتى أن الزرع يبس وكأنه محمّص على نار, وذلك لقلة المطر والشمس متوهجة.
------------------------ انتهى




( لإكمال الفائدة) للقارئ

صور من الأدب الشعبي الفلسطيني
الأغنية الشعبية في عرب السواحرة -قضاء القدس الشريف
أغاني الاستسقاء" أمّ الغيث
الباحث (جميل السلحوت)

كانت العادة في سني المحل والقحط ، وحتى احيانا في سنوات الخصب ، واذا ما انحبس المطر لبضعة ايام ، يخاف خلالها الناس على مزروعاتهم ، وعلى الاعشاب التي تعتاش بها ماشيتهم ، ان تخرج النساء ، والكبيرات منهن في السن خاصة ، ومعهن الاولاد والبنات من الاطفال ، فيجبن الطرقات من بيت الى بيت ، وهن يرددن الاغاني التي سنقدمها الآن ، وكن عندما يصلن كل بيت ، يعطيهن اصحابه القليل من الطحين ، فيتركنه الى البيت الذي يليه ، وهكذا دواليك ، حتى اذا ما انتهين من معظم بيوت البلدة ، أو كل بيوت الحارة ، عدن الى البيت ، حيث بدأن من هناك انطلاقتهن ، فيقمن بعجن الطحين ثم يخبزنه في العراء ، على " الصاج " دلالة على ان الطقس الدافئ في فصل الشتاء ، وروى على مسامعنا ، ان بعض الأغنياء كان يذبح شاة ويقدمها قرى لهذه الجمهرة ، ولم تنقطع هذه العادة ، الا في اوائل ستينات القرن العشرين .
ونذكر حين كنا اطفالا ، اننا شاركنا في " أمّ الغيث " ونذكر ايضا ، حين كنا نلعب ونلهو في هذه المسيرة الاستسقائية ، ونردد الاغاني باصواتنا الطفولية البريئة ، كما كانت انظارنا تنجذب الى مقدمة " أمّ الغيث " حيث كانت امرأة من نسائنا ، وهي ترفع عاليا فوق رأسها ، " لعبة " على شكل امرأة ، وكنا نشارك في صنع هذه الاخيرة ، فنحضر كما يطلب الينا ، غصنين من اغصان الشجر ، تربط على شكل صليب ، ثم توضع عليها ملابس رثة قديمة ، وتلف على رأس الغصن الاوسط كوفية او منديل ، ونطوف بعد ذلك في الطرقات ، وقد اخذت الاغصان الآن شكل المرأة الفقيرة أو المتوسلة ، التي تطلب النجدة والمساعدة ونلفت الانظار الى اننا لم نتمكن الا من جمع اغنيات قليلة في هذا المجال ، وفيما يلي نصوصها :
يمّ الغيث ويا بدعج*** خلي سيلنا يدعج
ويمّ الغيث وغيثينا *** واسقي زرع اهالينا
وراعينا حسن الاقرع**** لا بشبع ولا بقنع
وراعينا حدّر ع الغور*** وشرب من شخاخ الثور
*********
ويا ربي تبل الشرتوح*** وقبل نحمل قبل نروح
وقبل نروح ع بلاد الناس**وبلاد الناس ما بتحميناش
ونلاحظ في الابيات اعلاه ، ورود كلمة " شرتوح " ويقصد بها " شبه المرأة الفقيرة " التي تحدثنا عنها انفا ، كما يجب ان نشير الى ان كل صدر وعجز في اغاني أمّ الغيث ابيات اغانيها كان يردد مرتين أو اكثر . كما في تدوين الاغنية التالية :
ويا ام الغيث ويا دايم*** ويا ام الغيث ويا دايم
وتبللي زريعنا النايم**** وتبللي زريعنا النايم
عشانه للكرم دايم**** عشانه للكرم دايم
*********
ويمّ الغيث غياثه*** لدار الشيخ ضيّافه
يعشيها ويمشيها ***ويروحها لهاليها
*********
وراحت إمّ الغيث اتجيب المطر***ما اجت الا الزرع طول الشجر
راحت إمّ الغيث اتجيب الرعود*** ما اجت الا الزرع طول القاعود
راحت إمّ الغيث اتجيب الزلزال***ما اجت الا الزرع طول السنسال
راحت إمّ الغيث اتجيب الرشاش***ما اجت الا الزرع طول الجحاش
ونرى في الابيات الاخيرة التفاؤل الشديد حيث ان مسيرة " ام الغيث " ما تكاد تعود الى البيت الذي انطلقت منه ، حتى يكون الامل قد تحقق ، والخصب قد تم ، والزرع اعلى من المعتاد ، بل هو ، طول الجمل الصغير ، أو الشجر أو الحيطان وهكذا .
وحين كانت النسوة تتوقف امام احد البيوت ، كن يطلبن المعونة ، في اغنيات تحمل الاماني السعيدة لصاحبة الدار :
واللي تحط في الموخل***ريت ابنيها يدخل
واللي تحط في الغربال ***ريت ابنتيها خيال
ولشدة الحرارة ايام انحباس الغيث كانت النساء تردد :
ويمّ الغيث ويا دنه**** ويم الغيث ويا دنه
وقربتنا غدت شنه*** وقربتنا غدت شنه
اما في حالة هبوب رياح باردة ، لا تصحبها الامطار المروحة والمنتظرة ، فكن ينشدن :
يامّ الغيث ويا طقعه*** ويام الغيث ويا طقعه
وقتلتينا من السكعه*** وقتلتينا من السكعه
والمقصود بالكلمة الاخيرة ، " الصقعة " بمعنى الصقيع ، ولكنها تلفظ باللهجة العامية في بلدتنا كما اوردناها .