حياة مدمرة

سلسلة قصص عن الضحايا بعد عام من العدوان
اليوم الرابـع عشــر:
عائلة صالحة
عند حوالي الساعة 3:15 من فجر يوم الجمعة الموافق 9 كانون الثاني يناير 2009 أطلقت طائرة إسرائيلية صاروخاً اخترق سقف منزل فايز ورندة صالحة في بيت لاهيا. كان فايز في العمل، حيث يعمل حارساً في مدرسة من تلك التي حولتها وكالة الغوث إلى مركز لإيواء المهجرين قسرياً. انتقل بعض أقاربهم للسكن في منزل فايز ورندة هرباً من القصف الإسرائيلي. قرر الموجودون في البيت أن يهربوا ولكنهم قرروا أن ينقسموا إلى مجموعتين خوفاً من أن تقصفهم الطائرات الإسرائيلية إذا لاحظت وجود مجموعة كبيرة تسير في الشارع. ترك نور صالحة، البالغ من العمر (15 عاماً) المنزل مع المجموعة الأولى يرافقه اثنين من إخوته وأخواته وكذلك زوجة خاله وأحد أخواله. وكانت أمه رندة، البالغة من العمر (34 عاماً)، وكذلك بقية إخوته ضياء، البالغ من العمر (13 عاماً)، وأخته رولا (عام واحد)، وبهاء (7 سنوات) ورنا (12 عاماً)، وخالته فاطمة، البالغة من العمر (22 عاماً) كانوا جميعاً في المجموعة الثانية. وبمجرد تحرك المجموعة الثانية ووصولها إلى درج المنزل (السلم الداخلي) قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية المنزل بصاروخ ثقيل وقد تعرف خبيراً عسكرياً على نوع الصاروخ وأنه GBU-38 500lb GPS-guided JDAM. وقد أسفر هذا القصف عن مقتل المجموعة الثانية من عائلة نور صالحة، المكونة من ستة أشخاص. أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع نور صالحة ووالده فايز وذلك بعد مرور عام على الاعتداء.

أردت أن أكون مع أمي
"كنت أحاول النوم عندما سمعت صوت صاروخ" يتذكر نور. "في البداية لم أعرف أن منزلنا قد قصف. ثم رأيت دخاناً وحجارة. تجمعنا بالقرب من المنزل وطلبت مني أمي أن أغادر المنزل مع زوجة خالي و خالي. رفضت ذلك وأردت أن أذهب مع أمي ولكنها بدأت وبطريقة هستيرية تقذفني بالأحذية لكي أخرج من المنزل. كانت خائفة أن تقصفنا الطائرات الإسرائيلية إذا خرجنا في مجموعة واحدة كبيرة. مشينا بضع مئات الأمتار عندما سمعت صوت طائرة إف 16 في السماء[1]. كانت تحلق فوق منزلنا. وعندما أطلق الصاروخ ركضت مسرعاً إلى منزلي. كان مدمراً بالكامل. كان هناك ضوء أبيض ورائحة كريهة أعتقد أنها رائحة الدم. وجدت جثي أختي رنا وخالتي فاطمة عند مدخل المنزل. وجثة أخي ضياء ملقاة على الدرج ونصف جسد <IMG height=216 alt="IMG_1175 (3)" hspace=12 width=285 align=left>أمي لم أستطع العثور على باقي الجثة. كانت الأشلاء منتشرة في كل مكان. بدأت أصرخ وأطلب الإسعاف لكن أحداً لم يجب. لا أستطيع أن أصف كيف كنت في تلك اللحظة. كنت على وشك أن أفقد عقلي. وقفت أصرخ وأطلب الإسعاف ربما لساعة أو ساعة ونصف حتى جاء الإسعاف ونقل الجثث". و بحنان الأب بدأ فايز والد نور بتصحيح ما قاله ابنه نور قائلا:" جاء الإسعاف بعد دقائق قليلة " يوضح الأب " ولكن نور كان تحت تأثير الصدمة فكل ثانية تمر عليه كان يشعر وكأنها ساعة.".


فقدان ضياء
كان نور قريباً جداً من أخيه ضياء، الذي يعتقد بأنه لازال يتكلم معه حتى الآن. " سمعت صوت أخي ضياء يتحدث معي عندما وجدته عند الدرج. كان يقول "آآآه" وشعرت أنه يريد أن يقول وداعاً. عندما ذهبنا إلى المستشفى لم يستطع أحد التعرف على جثتي بهاء وضياء. كانت جثتهما ممزقة ولكني تعرفت عليهما من ملابسهما" يقول نور. " كنا قبل القصف بساعات قليلة نلعب ونمرح ونضحك. وفي دقيقة واحدة فقدت عائلتي. كلهم ذهبوا. عندما أجد نفسي غير مشغول أذهب لرؤية عائلتي في المقبرة. عندما كنت أذهب إلى المقبرة كنت أتذكر كيف كنت ألعب أنا وضياء وكيف كنا نقضى أوقاتنا مع بعضنا البعض. كنت أجلس بجوار قبره وأحدثه وأذكره بتلك الأوقات التي كنا نقضيها مع بعضنا البعض قبل أن يذهب إلى مكانه الجديد. ربما يبدو سخيفا ... ولكني في يوم من الأيام ذهبت إلى المقبرة ورسمت وجها على الأرض بجوار قبر والدتي. كان وجها حزيناً. وذهبت بعد ذلك في العيد قبل عدة أشهر ورسمت أخر. وتفاجأت بأن الوجه كان مبتسماً. هذا جعلني سعيدا.".


سلسلة من القصص الشخصية 'حياة مدمرة' تكشف كيف أن الحياة في غزة بعد عام من عملية الرصاص المصبوب لم تعد لطبيعتها,
لقراءة المزيد:
http://www.mezan.org/ar/center_more.php?id_dept=69