منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    العلاقات العربية – الكردية

    العلاقات العربية – الكردية واعادة بنائها وفق مسار صحيح

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    الدكتور نوري طالباني *
    تعود الكثير من المثقفين العرب لدى تطرقهم لتاريخ الكرد وجغرافية بلادهم كردستان ، الرجوع الى قوالب جاهزة لبعض "المؤرخين" العرب, بعضها من محض الخيال والوهم كانحدار الكرد من الجن والعفاريت! او نتيجة استنتاجات خاطئة لتحديد اطر العلاقات بين العرب والكرد. ووصل الامر الى حد لجوء البعض لسلاح التكفير او التخوين ضد من يخالفهم الراي, وبذلك تعرض تاريخ الكرد للتهميش خلال قرون عديدة او التشويه والتهريج خلال السنوات الاخيرة. ان معادلة العلاقات العربية – الكردية كانت ولا تزال غير متكافئة ولم يتم وضعها في اطارها الصحيح الا نادرا. وقد حاول بعض المؤرخين الكرد منذ بداية القرن الماضي وضعها في موضعها الصحيح, لكنهم جوبهوا بسيف الارهاب الفكري الذي رفع في وجوههم ما اجبر بعضهم على السكوت. واشهر سلاح التكفير في وجههم حتى بعض ابناء جلدتهم باسم الدين, لانهم تعودوا على قراءة المسار الذي سطره المراجع التقليدية الدينية. والتاريخ لن يكتب بصورة صحيحة ان لم يتوفر لدى تدوينه هامش من الاستقلالية والحرية الفكرية, ومضمونه في كل الاحوال لن يكون صحيحا بالاطلاق, لان الحقيقة نفسها نسبية وغير مطلقة.

    الاشارة الى جوانب من تاريخ العلاقات العربية - الكرد يستلزم استقراء الحوادث القديمة والبحث عن تاريخ نشوئها منذ البداية. ان العلاقة المباشرة بين العرب والكرد كانت منعدمة قبل نشوء الدولة العربية – الاسلامية, باستثناء ما اشار اليه البعض من ان كرديا باسم ابن غابان, والصحيح هو "ابن كاوان" (بالجيم المصري), زار الرسول عليه افضل الصلاة والسلام واشهر اسلامه بين يديه. وعندما وصلت جحافل جيوش الدولة العربية – الاسلامية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الى حدود بلاد الكرد الذي كان يمتد من اعالي جبال زاغروس شمالا حتى قصبة تكريت جنوبا, دافع الكرد عن وطنهم ودينهم الزرادشتي بقوة وعزم, وهو امر طبيعي بالنسبة لكل امة يتعرض وطنها والدين الذي يؤمن به ابناؤها لخطر جديد داهم. بيد ان العلاقات التي نشات فيما بعد بين قادة الدولة الجديدة المنتصرة والشعوب والملل التي احتلت اوطانها تميزت بعدم تدخل الدولة الجديدة في شؤونهم الداخلية وترك هامش كبير من الاستقلالية لهم عبر زعمائهم وقادتهم. واستمر هذا النمط من العلاقات حتى بعد توسع رقعة حدود الدولة العربية – الاسلامية واتصالها بالحضارات البعيدة كالفارسية والبيزنطينية واليونانية والهندية.

    يتفق الجميع على القول ان الدولة العربية – الاسلامية بعد الخلافة الراشدية قامت على قاعدة الشريعة الاسلامية نطريا والعصبية القبلية والقومية عمليا, وان الدين الجديد اضفى القوة على هذه العصبية, فاصبح مشروع الدولة الاسلامية مطبوعا بطابع ديني وعصبي قبلي, وهذا ما فتح الباب على اشكال من المعارضة والمقاومة ضد السلطة منذ نشوء الدولة الاموية وقيام الدولتين العباسية والعثمانية فيما بعد, فكان الانفصال واضحا بين الدولة والامة عبر التاريخ الاسلامي لعدم اندماجهما اندماجا عضويا منذ البداية. وينبغي النظر الى العلاقات التاريخية بين العرب والكرد من هذه الزاوية وعدم الخلط بين السلطة التي كان يتحكم بها اناس تحت ستار من الدين, والكرد الذين دخلوا الدين الجديد فيما بعد واخلصوا له وضحوا بحياتهم من اجله خلال حقب طويلة من التاريخ. لقد شارك الكرد في جيوش الدولة التي اعتبروا جزءا منها كافراد ومجموعات, وبوجه خاص لدى تاسيس دولتهم غير المصبوغة برداء القومية والتي كانت الوحيدة التي تحمل صفة الدولة الاسلامية بعد زوال دولة الراشدين, واعني الدولة الايوبية ( 567 – 685 - 950) للهجرة بقيادة مؤسسها صلاح الدين الايوبي وانجاله , تلك الدولة التي حررت القدس وارض فلسطين وما جاورها من البلاد من الغزاة الصليبيين الذين احتلوها خلال قرون عديدة تحت ستار حماية الدين المسيحي ومقدساته.

    كان مشروع الدولة الاسلامية مطبوعا بطابع ديني قبلي منذ البداية وكانت السلطة المركزية لا تتدخل في شؤون الاقاليم والولايات الا بالشكل الذي يؤمن لها مصالحها العليا, خاصة لدى نشوب الحروب الخارجية او ظهور الفتن الداخلية. لقد تجاهل معظم المؤرخين العرب الاشارة الى اسم الكرد او الاشادة بدور بعض قادهم وزعمائهم في توطيد اسس واركان الدولة العباسية بعد نشوئها, باستثناء بعض الشعراء العرب الذين اوردوا اسم الكرد وبعض قادتهم في قصائدهم في معرض تهجمهم عليهم, كذكر احدهم اسم ابا مسلم الخراساني ووصفه اياه وقومه الكرد بالغدر, متجاهلا دوره الكبير والمؤثر في بناء الدولة العباسية. ولم يشر معظم المؤرخين العرب لاسماء الدول والامارات الكردية التي كانت قائمة في العهد الاسلامي, كالروادية (230 – 618 للهجرة) والسالارية (300 – 420 ) و الحسنوية البرزكانية (330 – 405) والشدادية (340 – 465) والدوستكية المروانية (350 – 476) والعنازية (380 – 446) والشوانكاره (412 – 658) واللورية الكبرى (550 – 827) واللورية الصغرى ( 570 – 1250) وامارة (اردلان 617 - 1284) وعشرات الامارات الكردية الاخرى منها امارت (بوتان) و(سوران) و(باهدينان) و(بابان), وهذه الاخيرة استمر حكمها حتى 1851.

    وقد كتب بعض المؤرخين الكرد كتبا ودراسات وافية عن تلك الامارت واشاروا الى ادوارها في بناء حضارة وثقافة اسلامية ازدهرت بفضل جهود العلماء والمفكرين الكرد الذين كرسوا كامل جهودهم وامكاناتهم لخدمة الشريعة الاسلامية ولغتها العربية, نذكر على سبيل المثال لا الحصر موسوعة الامير شرف خان بدليسي المشهورة "شرفنامه" قبل اكثر من ستمائة عام, ومؤلفات العلامة محمد امين زكي العديدة خاصة مؤلفيه الكبيرين "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان" و"تاريخ الدول والامارات الكردية في العهد الاسلامي" اللذين الفهما بالكردية عام 1931 و1937 ثم ترجما الى العربية من قبل المرحوم محمد علي عوني المترجم في الديوان الملكي المصري وطبعا في القاهرة عام 1945, واعيد طبعهما مجددا عام 1986.

    وبخلاف حكام الدولتين الاموية والعباسية, حاول قادة الدولة العثمانية منذ البداية التقارب مع الامراء والزعماء الكرد في اماراتهم المنيعة بحصونها ومعاقلها الجبلية, فكلف السلطان سليم الاول احد مستشاريه وهو الحكيم والعالم الكردي المشهور ادريس البدليسي للاتصال بهم, وادت جهوده الى ابرام معاهدات وتحالفات بين تلك الامارات والسلطان ضمنت لها الاحتفاظ باستقلالها في ادارة شؤونها, وللسلطان وقوف تلك الامارات معه في حالة تعرض الدولة العثمانية لهجوم اجنبي مع حماية حدودها الواسعة مع جارتها الكبرى الامبراطورية الفارسية. لقد كان معظم سلاطين ال عثمان منهمكين انذاك في حروب طويلة الامد ضد بعض الدول والامبراطوريات في اوروبا, وكان الامراء الكرد يحمون حدود الدولة العثمانية من تجاوزات الجارة الشرقية لها والتي كانت تحين الفرص للاستحواذ ولو على جزء من اراضيها. واستمر الحال على هذا المنوال حتى اوخر ايام العهد العثماني حين تعرض حكمهم للانحسار في اوروبا, فحاول بعض السلاطين فرض سياسة تعتمد المركزية في ادارة شؤون البلاد, وهو ما عجل في انهيار الدولة العثمانية التي اطلق عليها اسم الامبراطورية المريضة نتيجة التدخل الكثير للدول الاوروبية في شؤونها الداخلية.

    ادى انهيار الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الاولى الى تقسيم وطن الكرد بين دول عديدة, بعد ان كان مجزءا بين الامبراطوريتين العثمانية والايرانية. واستجاب قادة الحلفاء في البداية لمطالب الكرد الذين كانوا يطالبون مع العرب والارمن بتشكيل كيان خاص بهم, فتضمنت معاهدة سيفر المبرمة في 10 اب 1920 ثلاث بنود فتحت الامال رحبة امام الكرد لانشاء كيان خاص بهم بمرحلتين متعاقبتين, يتشكل خلال المرحلة الاولى كيان يتمتع بحكم ذاتي واسع في المنطقة الممتدة من شمالى بحيرة وان حتى الحدود السورية, والذي يتحول في المرحلة الثانية الى دولة كردية بامكان انضمام ولاية الموصل بها لو اراد ابناؤها الالتحاق بها. لكن مصالح الدول المنتصرة في الحرب, خاصة بريطانيا التي كانت تهيمن على نفط ايران وتحاول الاستحواذ على نفط المنطقة باسرها واعادة تقسيم المنطقة وفق مصالحها الخاصة دفعت الامور تسير في اتجاه اخر, وادت الجهود التي بذلتها حكومة لندن والتي كانت تتفق ضمنا مع مصالح الدولة الكمالية التي نشات حديثا في تركيا الى ابرام معاهدة اخرى في لوزان عام 1923, نسخت عمليا نصوص معاهدة سيفر. ومنذ ذلك التاريخ يناضل الكرد من اجل تحقيق امانيهم القومية حتى ولو كانت ضمن حدود الدول التي اجبروا على العيش ضمنها.

    كانت معاناة الكرد ولا تزال قاسية في ظل النظام الكمالي في تركيا, اما في العراق فقد تراجعت الحكومة العراقية عن وعودها التي قطعتها للكرد المتضمنة الاعتراف بوجودهم في كيان خاص بهم. وساءت الامور الى الاسوا في ظل حكم البعث الذي لجا الى اساليب وصلت الى حد ارتكاب جرائم جماعية تدخل ضمن مفهوم جريمة الابادة, منها تغيير الواقع السكاني في المناطق الكردية قسرا باجبار الكرد على الرحيل منها وتوطين غيرهم في ديارهم. ولتحقيق هذه السياسة التي تنافي روح العصر والمبادئ الموثقة في المعاهدات والمواثيق الدولية, دمر النظام البعثي الاف القرى والقصبات الكردستانية واجبر سكانها على الرحيل منها او ابادتهم فيها. وادا كان النظام الدكتاتوري قد انتهى الى غير رجعة في العراق, فان اثار تلك الساسة لا تزال باقية ولم تحاول حكومتا علاوي والجعفري حلها رغم ان قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية كرست نصا قانونيا وهو المادة 58 لحل هذه المشكلة المستعصية. وقد نقل نص المادة 58 الى الدستور الجديد في مادته 136, نامل من الحكومة المقبلة للعراق الاسراع بوضعها موضع التطبيق خلال الفترة المحددة لها وهي نهاية عام 2007 كحد اقصى.

    خلال زيارة السيد عبدالعزيز الحكيم لبرلمان كردستان في 28 ديسمبر 2005 وجه اليه عدد من البرلمانيين الكردستانيين اسئلة عديدة حول هذه المسالة بالذات باعتباره رئيسا لقائمة الائتلاف العراقي الموحد التي ينتمي اليها رئيس الحكومة الدكتور ابراهيم الجعفري. وكان من بين المتكلمين كاتب هذه الاسطر الذي صارحه بالقول ان السبب الرئيس لعدم تطبيق تلك المادة لحد الان هو ان رئيس الحكومة الدكتور الجعفري لا يؤمن هو وعدد من اعضاء حكومته بمضمونها, ومن لا يؤمن بشئ لايضعه موضع التنفيذ, لذلك ينبغي ان يكون رئيس الحكومة المقبلة للعراق مؤمنا بتطبيق تلك المادة, والا فان العلاقات العربية الكردية ستمر بمرحلة حرجة اخرى لا نعرف مداها واثارها, والامر متروك له ولقائمته التي حازت على اكثرية المقاعد في مجلس النواب المنتخب, خاصة وان الدستور قد حدد المسار الصحيح لحل هذا الاشكال العويص من جانب الحكومة العراقية المقبلة. ولكى تستعيد العلاقات العربية الكردية عافيتها وتعود الى مسارها الصحيح, يجب ازالة اثار السياسة العنصرية المنافية لروح العصر التي نفذها النظام الديكتاتوري السابق خلال اكثر من ثلاث عقود من الزمن. لقد كرس النظام المقبور جميع جهوده لتدمير تلك العلاقات, وامام الحكومة المقبلة للعراق فرصة ثمينة لاعادة بنائها بصورة صحيجة قبل ان يفوت الزمن.

    29 كانون الثاني 2006

    --------------------------------------

    * قانوني وعضو مستقل في برلمان اقليم كردستان - العراق


    لمزيد من المعلومات
    الصوت الحر
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    السلام عليكم
    اشعر ان هناك لدى الاكراد بعض المفاهيم التي تحتاج تصحيح على كل اسجل حضوري
    الف شكر

المواضيع المتشابهه

  1. بريطانيا تعترف ***القومية الكردية مستحدثة؟
    بواسطة الحمداني في المنتدى آراء ومواقف
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 10-25-2016, 11:38 PM
  2. اسماء بنات مترجمة من الكردية للعربية
    بواسطة مالك العمري في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-07-2014, 07:31 AM
  3. نبذة مختصرة بمناسبة يوم الصحافة الكردية
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-22-2009, 07:31 PM
  4. اشواك في العلاقات العربية العربية
    بواسطة عبدالوهاب محمد الجبوري في المنتدى آراء ومواقف
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-05-2008, 06:28 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •